الفرق بين علم النفس الإيجابي وعلم النفس التقليدي

علم النفس هو مجال يدرس كيفية عمل العقل البشري وكيفية تأثير الظروف الداخلية والخارجية على السلوك البشري. تطور علم النفس مع مرور الوقت لينقسم إلى عدة فروع، وكل فرع منها يعكس وجهة نظر مختلفة عن كيفية فهم ومعالجة التحديات النفسية. 

الفرق بين علم النفس الإيجابي وعلم النفس التقليدي
الفرق بين علم النفس الإيجابي وعلم النفس التقليدي.

في هذا المقال، سنتناول اثنين من الفروع الأكثر شهرة: علم النفس التقليدي و علم النفس الإيجابيرغم أنهما يبدوان مختلفين، إلا أن كلاً منهما يساهم في تحسين الحالة النفسية للإنسان. لكن السؤال الأهم هنا: ما الفرق بينهما؟ هذا هو ما سنتناوله في هذا المقال.

مفهوم علم النفس التقليدي

علم النفس التقليدي بيغطي مجموعة كبيرة من المواضيع التي تتعلق بالأمراض النفسية والعاطفية. يهتم بفهم كيف تؤثر المشاكل النفسية على الحياة اليومية للأفراد وكيفية معالجتها من خلال العلاج النفسي أو الأدوية. في هذا الفرع، يركّز الباحثون والمعالجون على التشخيص والعلاج، ويستخدمون أدوات علمية مثل المقاييس النفسية والتقييمات السلوكية.
  • علاج الأمراض النفسية: علم النفس التقليدي يعتمد بشكل أساسي على البحث في الأسباب الكامنة وراء الأمراض النفسية، مثل القلق، الاكتئاب، اضطرابات الطعام، واضطرابات الشخصية. يُستخدم العلاج المعرفي السلوكي (CBT) وأحيانًا الأدوية كجزء من العلاج.
  • التركيز على العوامل السلبية: علم النفس التقليدي يعترف بأن السلوك البشري يتأثر سلبًا بسبب الظروف النفسية والاجتماعية مثل التوتر، القلق، والصدمات النفسية، ويعمل على علاج هذه الآثار السلبية.
  • الأزمات النفسية: يركز علم النفس التقليدي على علاج الأزمات النفسية مثل انفصال الأفراد عن الواقع أو الاكتئاب الشديد الذي يؤثر على الحياة اليومية.

مفهوم علم النفس الإيجابي

علم النفس الإيجابي هو فرع حديث نسبياً يهتم بدراسة الجوانب الإيجابية من حياة الإنسان. يركّز على تحسين جودة الحياة وزيادة السعادة والرفاهية النفسية. على عكس علم النفس التقليدي، الذي يركز على علاج المرض، يهدف علم النفس الإيجابي إلى تعزيز قوة الإنسان وتطوير مهاراته التي تساعده في مواجهة التحديات.
  • السعادة والرضا: علم النفس الإيجابي يسعى لتمكين الناس من الشعور بالسلام الداخلي والسعادة عن طريق البحث عن إيجابيات في حياتهم اليومية.
  • التفاعل مع العالم من حولنا: لا يقتصر علم النفس الإيجابي على تحسين الحالة الداخلية، بل يشمل أيضا تحسين العلاقات الاجتماعية، وتقدير اللحظات الجميلة التي نعيشها يومياً.
  • التنمية الذاتية: أحد أهداف علم النفس الإيجابي هو تنمية المهارات الشخصية مثل المرونة النفسية، الإبداع، والتفاؤل، من خلال التركيز على تعزيز هذه الصفات في الشخصية.

أوجه التشابه بين علم النفس التقليدي وعلم النفس الإيجابي

على الرغم من أن الفروع المختلفة لعلم النفس تختلف في الأهداف والمنهجيات، إلا أن علم النفس التقليدي والإيجابي يشتركان في عدة أوجه تشابه:
  • التركيز على صحة الإنسان: الهدف الأساسي لكلا الفرعين هو تحسين الصحة النفسية للأفراد، سواء من خلال علاج الأمراض أو تعزيز القدرات النفسية الإيجابية.
  • التأثيرات البيئية والاجتماعية: كلا الفروع يعترف بتأثير البيئة والمجتمع على حالة الإنسان النفسية. سواء كانت ضغوط الحياة اليومية أو العلاقات الشخصية، فإن كلا من علم النفس التقليدي والإيجابي يدرس كيفية تأثير هذه العوامل على صحة الشخص.
  • العلاج والمساعدة: كلا الفرعين يسعيان لتحسين الحالة النفسية للفرد، ولكن كل منهما يتبع أساليب وتقنيات مختلفة للوصول إلى الهدف.

التركيز في كل منهما

  1. علم النفس التقليدي: يركز على تشخيص ومعالجة الأمراض النفسية مثل الاكتئاب، القلق، واضطرابات المزاج. يعمل المتخصصون في هذا المجال على تحديد السبب الجذري للمشاكل النفسية والعمل على معالجتها عبر جلسات علاجية أو أدوية.
  2. علم النفس الإيجابي: يركز على تحقيق النمو الشخصي والتطوير الذاتي من خلال تقنيات مثل التفكير الإيجابي، الامتنان، والتأمل. لا يتمحور حول المرض أو المشاكل النفسية بقدر ما يركز على تعزيز الرفاهية.

طرق العلاج والتوجهات في كل فرع

  1. علم النفس التقليدي: يعتمد على العلاج النفسي والتدخلات السلوكية مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT) والعلاج النفسي العميق الذي يساعد الأفراد على معالجة الأفكار السلبية والتعامل مع الصدمات النفسية. الأدوية النفسية قد تكون جزءًا من العلاج في بعض الحالات.
  2. علم النفس الإيجابي: يستخدم تقنيات التعزيز الإيجابي مثل تمارين الامتنان، التأمل، والعصف الذهني لتعزيز الأفكار والمشاعر الإيجابية. يساعد الأفراد في بناء استراتيجيات المرونة النفسية وزيادة الوعي الذاتي.

علم النفس التقليدي علاج للمشاكل النفسية

أحد أهم أهداف علم النفس التقليدي هو تشخيص ومعالجة الأمراض النفسية التي تؤثر على الأفراد بشكل كبير. تشمل هذه الأمراض:
  1. الاكتئاب: مرض نفسي يجعل الشخص يشعر بالحزن الشديد، واليأس وفقدان المتعة في الأنشطة اليومية.
  2. القلق: حالة من التوتر الزائد والخوف من المستقبل أو من المواقف غير المتوقعة.
  3. اضطراب ما بعد الصدمة: يحدث بعد تعرض الشخص لحادث صادم ويؤثر على طريقة تفكيره وسلوكه بشكل مستمر.
  4. الفصام: اضطراب نفسي يؤثر على الإدراك، التفكير، والسلوك.

علم النفس الإيجابي: تعزيز القوة الداخلية

علم النفس الإيجابي لا يقتصر على علاج المرض، بل يهدف إلى تعزيز القوة الداخلية للفرد. بعض المواضيع التي يعالجها علم النفس الإيجابي تشمل:
  1. السعادة المستدامة: لا يقتصر مفهوم السعادة في علم النفس الإيجابي على اللحظات السعيدة العابرة، بل يهدف إلى تحقيق سعادة مستدامة تستمر مع مرور الوقت.
  2. الإبداع: يحفز الأفراد على اكتشاف إبداعاتهم الداخلية وتطوير مهارات جديدة تحسن من نوعية حياتهم.
  3. المرونة النفسية: يساعد علم النفس الإيجابي الأفراد على التعافي من الأزمات النفسية والضغوط الحياتية من خلال تطوير قدرة الشخص على التكيف مع التحديات.

أهمية كل فرع في الحياة اليومية

  • علم النفس التقليدي: يُعتبر أساسيًا لمن يعانون من مشاكل نفسية شديدة أو يعانون من اضطرابات عقلية قد تعيقهم عن ممارسة حياتهم اليومية.
  • علم النفس الإيجابي: يُعتبر مهمًا لكل شخص بغض النظر عن حالته النفسية، حيث يُعزز رفاهيته ويساهم في تحسين نوعية حياته بشكل عام.

كيف نقدر ندمج بين علم النفس التقليدي والإيجابي؟

أفضل طريقة للاستفادة من كلا الفرعين هي دمج تقنيات علم النفس التقليدي والإيجابي معًا. يمكن للمعالج النفسي أن يبدأ بعلاج المشاكل النفسية من خلال العلاج التقليدي، ومن ثم يقدم للأفراد أدوات وتقنيات علم النفس الإيجابي لتطوير مهاراتهم الشخصية وتحسين حياتهم بشكل مستدام.

في الختام، علم النفس التقليدي وعلم النفس الإيجابي هما جزء أساسي من علم النفس ككل، وكل واحد منهما يعالج الجوانب المختلفة للإنسان. سواء كنت تحتاج إلى علاج من أمراض نفسية أو كنت تسعى لتحسين حياتك الشخصية من خلال الرفاهية والسعادة، فإن كلا الفرعين يوفران أدوات وتقنيات هامة. لذا، من المهم أن تتعرف على كليهما لتحسين جودة حياتك بشكل متكامل.
تعليقات